الخميس، نوفمبر ٣٠، ٢٠٠٦

هلال شيعي.. وقوس سني

هلال شيعي وقوس سني
عبد الباري عطوان

القدس العربي

فجأة، وبدون اي مقدمات، يتحول ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي الي حمل وديع يبدي تعاطفا غير مسبوق مع جيرانه الفلسطينيين، ويعدهم بالانسحابات وقيام الدولة المستقلة المتواصلة جغرافيا، والافراج عن اموالهم المحتجزة لديه، واقامة مشاريع صناعية حدودية توفر لهم الوظائف، وتغنيهم عن تنظيف مراحيض المستوطنين في تل ابيب والقدس المحتلة.تري ما الذي أحدث هذا التغيير الكبير في موقف اولمرت، وهو الذي كان حتي الامس القريب وقبل يومين فقط، يرسل طائراته ودباباته لقتل اكبر عدد منهم واطفالهم، وتدمير بيوتهم فوق رؤوسهم، ووضع الخطط لاجتياح قطاع غزة بالكامل، واعادة احتلال ممر صلاح الدين علي الحدود المصرية ـ الفلسطينية!الاجابة تكمن في الجولة الحالية للرئيس الامريكي جورج بوش، التي ستبدأ غدا في العاصمة الاردنية عمان، والزيارة الخاطفة التي سبقتها وقام بها المستر ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي الي المملكة العربية السعودية، والزيارة الثالثة الاخري التي سبقت الاثنتين وتمثلت في توقف السيد رجب اردوغان رئيس وزراء تركيا في العاصمة الاردنية ايضا.جميع هذه التحركات تصب في هدف واحد، وهو تشكيل محور سني يقدم الغطاء الشرعي للضربة الامريكية، او ربما الاسرائيلية، القادمة للمفاعل النووي الايراني الذي تراه واشنطن خطرا علي هيمنتها الحالية علي منطقة الخليج العربي حيث ثلثا احتياطات النفط في العالم.ومثلما قدم العرب والايرانيون معا، سنة وشيعة، الغطاء الشرعي لغزو العراق واحتلاله، واطاحة النظام الحاكم فيه للأسباب نفسها، تحت ذريعة اجتياح الكويت اولا (حرب الصحراء عام 1991) ومحاولة امتلاكه اسلحة دمار شامل تهدد جيرانه ثانيا (غزو عام 2003)، ها هم يستعدون لتشكيل تكتل سني محض هذه المرة، يدعم الضربة الامريكية شبه المؤكدة لايران.فليس من قبيل الصدفة ان يذهب ديك تشيني نفسه الي العاصمة السعودية الرياض في زيارة خاطفة غير معلنة، فهو الذي هندس الحرب الاولي لاخراج القوات العراقية من الكويت، وهو الذي اقنع العاهل السعودي الملك فهد في حينه باستقبال نصف مليون جندي امريكي علي ارض بلاده، عندما كان وزيرا للدفاع في حكومة بوش الأب.ومن المفارقة، ان الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد في ذلك الوقت، قد عارض استقبال القوات الامريكية، وموافقة اخيه الملك المتعجلة في هذا الصدد حسبما ذكر الجنرال نورمان شوارتزكوف قائد القوات الامريكية في حينه، ولا نعرف كيف كان رد فعله، وبعد ان اصبح ملكا، علي مخططات الادارة الامريكية المستقبلية تجاه ايران، التي عرضها عليه ديك تشيني نفسه عندما التقاه في اجتماع مغلق في الرياض قبل بضعة ايام.العاصمة الاردنية عمان اصبحت كعبة يحج اليها الاعضاء المرشحون للانضمام الي التكتل الجديد. فالسيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية يصلها اليوم الثلاثاء، وكان قد وصلها بالامس السيد حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين السنية، بينما يستعد السيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق الجديد للهبوط في مطارها لعقد قمة ثنائية مع الرئيس الامريكي الزائر.فالتقسيم الطائفي الذي رسخت جذوره الادارة الامريكية في العراق، واسفر عن الحرب الاهلية الحالية التي تحصد ارواح المئات يوميا، يريد الرئيس جورج بوش ومساعدوه تعميمه في منطقة الشرق الاوسط بأسرها. ولن يكون مفاجئا بالنسبة الينا اذا ما شاهدنا حربا طائفية اكثر اتساعا تستخدم فيها الطائرات الحربية والصواريخ في غضون عام او اكثر قليلا، تنخرط فيها جيوش المنطقة.فالهلال الشيعي الذي تحدث عنه الملك عبد الله الثاني عاهل الاردن قبل عام ونصف العام، واعتقد البعض انه زلة لسان او سوء تقدير، بات حقيقة من وجهة نظر الادارة الامريكية، وبات يمتد من ايران الي شواطيء البحر المتوسط اللبنانية مرورا بالعراق وسورية. ولهذا لا بد من مواجهته بهلال سني محكم برعاية امريكية، تنضوي تحت عباءته كل من الاردن ومصر والسعودية ودول الخليج علاوة علي تركيا.توني بلير رئيس وزراء بريطانيا كان اول من تحدث عن هذا الهلال السني، اثناء محاضرة القاها قبل ثلاثة اشهر في جولة له في ولاية كاليفورنيا، ولكنه استخدم كلمة قوس بدلا من كلمة هلال لانه لا يكن الكثير من الود للمسلمين ومصطلحاتهم.وحتي تترسخ قاعدة الهلال او القوس الجديد، لا بد من رمي جزرة او عظمة الي الفلسطينيين لاسكاتهم، او بالاحري لالهائهم مرة اخري، تماما مثلما تم الضحك عليهم قبيل حرب العراق الاولي من قبل بوش الاب الذي وعدهم بالمؤتمر الدولي لحل قضيتهم، وبوش الابن الذي تعهد بدولة فلسطينية مستقلة في عام 2005 لتمرير حرب العراق الثانية.في المرة الاولي، وقبل 15 عاما، انعقد المؤتمر الدولي ولم يسفر الا عن خيبة الامل، وفي المرة الثانية مر عام 2005، وكاد العام الحالي الذي يليه ان ينتهي ووعد الدولة الفلسطينية المستقلة في رحم الغيب، وكوفيء الفلسطينيون بعد انتصار بوش في العراق بالحصار والجوع ومجازر بيت حانون والشاطيء ورفح وجنين. والشيء نفسه سيتكرر مع مبادرة اولمرت الحالية، وكرمه الحاتمي غير المحدود الذي تحدث عنه بإسهاب في خطابه يوم امس الاول.العرب مقدمون علي خديعة جديدة، ربما تكون اكثر خطورة من ثورتهم ضد الامبراطورية العثمانية، وتعاونهم مع الانكليز حيث كوفئوا بضياع فلسطين وتقسيم اراضيهم بين الاستعمارين الفرنسي والبريطاني. فاللاعبون انفسهم تقريبا، والقوي الغربية التي استغلت غباءهم هي نفسها.نفهم ان يكون العرب، ونحن نتحدث هنا عن الحكومات، اغبياء قبل قرن، ولا يفهمون ما يحاك لهم من دسائس ومؤامرات في الغرف المغلقة، فقد كانت الأمية طاغية وتشمل الحكام والمحكومين علي حد سواء، ولكن لا نفهم ان يستمر هذا الغباء وبصورة اكبر في القرن الواحد والعشرين، حيث ثورة الاتصالات والفضائيات والجامعات والانترنت.اطاح العرب بالنظام العراقي بأوامر امريكية فحصدوا الحرب الأهلية والتطرف وسلموا العراق لميليشيات طائفية حاقدة طمست هويته العربية ومزقت اوصاله. والآن يستعدون لحرب ضد ايران تحت علم رئيس امريكي حاقد علي العرب والمسلمين، لا يفرق بين سني وشيعي في كراهيته، فماذا ستكون النتائج غير انتقام ايراني يدمر مدنهم ويقتل مئات الآلاف من ابنائهم ويحرق آبارهم النفطية؟ايران التي تملك ترسانة ضخمة من الصواريخ والاسلحة الحديثة لن تستطيع الانتقام من امريكا لانها بعيدة، ولكنها قطعا ستنتقم من حلفائها العرب، ومن الدولة العبرية، فهل هذا فخر للعرب ان يدمروا دولة اسلامية، ويوضعوا مع اسرائيل في كفة واحدة كهدف للانتقام الايراني، ودون ان يقبضوا اي ثمن يستحق كل هذا الخراب من الولايات المتحدة، مثلما كان عليه الحال في كل حروبهم السابقة؟

السبت، نوفمبر ٢٥، ٢٠٠٦

أفرقيا الصليبية!!



أفرقيا الصليبية!!


المراقب لما يجري الآن في القرن الأفريقي وفي السودان يظهر له بوضوح أن المؤامرة علي السودان والصومال أنما هي لأنها دول أسلامية مستضعفة ، يتم الأستفراد بها والأستقواء عليها من قبل دول أفريقية مسيحية جارة لها تنفيذا لمخطط صليبي غربي للنيل من المسلمين وللسيطرة على منابع النفط في بلادهم ، في غياب من الدعم العربي والأسلامي لتلك الدول.

ولكن ، منذ متى صارت أفريقيا صليبية؟

يهمنا أولا أن نشير الى الفرق الجوهري بين أفريقيا المسيحية وبين أوروبا الصليبية. فلقد ذاق الأفارقة صنوف العذاب والأسترقاق والأحتلال والنهب والأستعباد من المستعمرين الأوروبيين البيض الذين تواروا خلف ستار المسيحية. وخاض الأفارقة حروبا طاحنة ، دفعوا خلالها دم وأرواح الملايين من أبنائهم ثمنا لأستقلالهم واستعادة كرامتهم وعزتهم. غير أن المستعمر قبل أن يرحل ترك وراءه عملاءه لكي يقوموا بدور الأسترهاب والفساد ونهب ثروات البلاد والحيلولة بينها وبين النمو الحضاري بالوكالة. وهؤلاء العملاء الفاسدين أنما يحركهم سادتهم في أوربا وأمريكا الصهيو-صليبية وهم رهن أشاراتهم وفي خدمتهم.

الملاحظ أنه عندما زار جورج دبليو بوش أفرقيا لم يكن ذلك من أجل سواد عيون الأ فارقة كما أدعى ، ولكن من أجل التعاقد مع حلفاء أفارقة له في حربة الصليبية على الأسلام - والتي يسميها بالحرب على الأرهاب - بعد أن كان قد تم التمهيد لتلكم الحرب قبل ذلك ببضع سنوات تحت مسمى صراع الحضارات بقيادة هنتنجتون. بعدها تسارعت وتيرة الصراعات الأسلامية المسيحية في السودان ونيجيريا لتمتد الى الصومال وأريتريا و أثيوبيا وتشاد.

تزامن ذلك مع أنحدار ، ومن ثم سقوط ، الكنيسة الكاثوليكية في نفس الشرك الصليبي الجديد والأنغماس في وحله بعد أن تقلد بندكت السادس عشر منصب البابوية. وأصبح الحلف يمتد ليشمل المحافظين الجدد في أمريكا والأمبرياليين القدامى وبطانتهم في الكنيستين الكاثوليكية والأرثوزكسية في أوروبا مرورا بأذنابهم في أفريقيا وآسيا.

من ين الجميع يبقى دور الأفارقة في هذه المؤامرة غير مبرر ، وهو عار عليهم و يبعث على التقزز والأشمئزاز. أذ كيف تسول لهم أنفسهم نصرة من كانوا دائما أعداءهم على من تعايشوا معهم في سلام ووئام من بني جلدتهم على مدار مئات السنين ، خاصة وهم يعلمون أن الدائرة سوف تدور عليهم لا محالة في يوم من الأيام لأن الصليبين والصهاينة والأمبرياليين هم أعداء الشعوب الحقيقيين وأنهم لا عهد لهم ولا ميثاق ، حتى وأن تخفوا في ثوب ثعبان أرقط ممن على شاكلة يان أيجلاند وأمثاله!!

السبت، نوفمبر ١١، ٢٠٠٦

تغير القتله .. والقتيل واحد!

ردا على مقال للأستاذ عبد الباري عطوان بجريدة القدس العربي

أستاذنا العزيز عبد الباري عطوان
ليت الأمر كما تصور لنا هنا ، أن الأمريكان - وربما من بعدهم البريطانيين - قد وعوا الدرس وثابوا الى رشدهم وأقلعوا عن الأمبريالية والصهيونية والصليبية ، وعن كل أشكال الأستعمار العسكري والفكري والأستعمار بالوكالة وبالأرهاب وتابوا عن الغطرسة وهيمنة الرجل الغربي والرجل الأبيض!! .. غير أن الأمر ليس كذلك! وأن كان لا ضير أن تبعث في العرب شيئا من التشفي وسيئا من الأمل بمثل هذا المقال ، غير أن الخوف أن ينقلب ذلك الى سراب خادع.
فها هم المنهزمون الجمهوريون يعلنوها مدوية أن هزيمتهم في الأنتخابات لا تعني أنسحابهم من العراق.
وها هم الديمقراطيون الفائزون يعلنون أنهم لم يسحبوا دعمهم للحرب على العراق ، وهم لا يدينونها وأنماهم يدينون طريقة أدارة هذه الحرب.
الفرق ليس كبيرا بين كونجرس ومجلس شيوخ يديره الديمقراطيون عن تلكم التي يديرها الجمهوريين. المحافظون الجددومثلهم الصهاينة والأمبرياليون متغلغلون في كل الأدارات ومراكز صنع القرار الأمريكية.
والموقف في شرق الأطلسي (بريطانيا وأوربا) ليس أحسن حالا منه في غربه!
المعركة ضد العرب والأسلام تم نقلها بأمتياز الى حلف الناتوالذي يتولى المهمة في أفغانستان اليوم وغدا في العراق ودارفور. راجع موقع (
Daniel Pipes ).
يجدر بنا أن نعلم أنه لا فرق بين العمال والمحافظين في بريطانيا تماما كما أنه لافرق بين الديمقراطيين والجمهوريين في أميريكا ، وبين الأشتراكيين والمسيحيين في ألمانيا ، وبين الأشتراكيين واليمنيين في فرنسا. هناك سياسة واحدة مرسومة في الغرب تجاه العرب والمسلمين. هذه السياسة تتمثل في الأضعاف (أقتصاديا وعسكريا ومعنويا) ومن ثم الأنقضاض والفتك بهم بأقل الخسائر والبدء بالأضعف والأسهل منالا.
الحرب على العرب والمسلمين لم تتوقف في يوم من الأيام منذ الحروب الصليبية الأولى ، وهي حرب شرسة ولا أخلاقية ولا هوادة فيها ، تماما مثل ما تفعله أسرائيل بالفلسطنيين اليوم وما فعلته باللبنانيين بالأمس وما فعلته بالأسرى المصريين قبل ذلك. هي حرب لا رحمة فيها لأن أحد الطرفين يرفل في كل أسباب القوة الحربية والجبروت العسكري ويعتبر طرفها الأخر في مرتبة الحيوانات وأدنى أو حتى الحشرات التي لاضير من أبادتها أبادة جماعية ، بينما طرفها الآخر يدفن رأسه في الرمال مثل النعام للهروب من الواقع ، أو يستجدي أعداءه لأن يجودوا عليه ببعض السلاح ليحاربهم به!! هل رأيتم أكثر من هذا ملهاة ومدعاة للسخرية!!
ثم هذه الشعوب المغلوبة والمقهورة وقد أسلمت أمرها لحفنة من الرؤساء والملوك المرعوشين المرعوبين أوالمتواطئين ، ثم هي لا تملك الا أن تسبهم على الفضائيات وتلعن تخاذلهم وعمالتهم لتنفّس عن نفسها ، بينما عجزت عن أن تتعلم حتى من بلد لا أدري موقعه على الخريطة - في لحظتي هذه - يدعى "قرجيزيستان". ولربما كان السبب في أني لم اتعب نفسي بالبحث عن موقعة لغيرتي من أهله كوني عربيا ، لا أملك الجينات التي تدعوا أهلها للخروج لمقارعة الحاكم الظالم!