الأحد، أبريل ٠١، ٢٠٠٧

حُسن الخاتمة..

حُسن الخاتمة..


هل رأيتم رجلا من أهل الجنة؟
نعم لقد رأيتم واحدا منهم بأعينكم ..رأي العين!

قبل عدة سنوات مضت لم أكن أستطيع أن أصدق أن الرئيس الراحل صدام حسين عليه رحمة الله له قلب يبنبض أو أن له أحساس يحس!
كنت أرى الرجل مجرما يسفك دماء الأبرياء ويتسبب في إقتتال بين المسلمين لا طائل منه إلا إنهاك المسلمين واستنزاف ثرواتهم ، ما يخدم أعداء الأمة دون سواهم! كنت أراه رجل قاسي القلب ، يزهق الأرواح بدم بارد ومن دون أن تهتز لذلك شعرة في جسده! ربما كنت تحت تأثير الدعاية المضادة للرجل ، وربما كانت تلك هي حقيقته مع شئ من التضخيم، غير أن الأيام حبالى بالأحداث وتلد كل جديد.. كما يقولون!

عندما كان صدام حسين يرفض الركوع للأمريكان والغرب ويرفض في إباء عروضهم عليه بالخروج سالما بأسرته إلى المنفى مع ضمانات بعدم محاكمته كنت أرى في ذلك بقية من صلف وأثارة من كبرياء وغرور يأبى إلا أن يلحق ببلده الخراب.. ولقد كان لي صديق عراقي يقسم بأغلظ الأيمان أن الرجل قد تغير في سنواته الأخيرة ولم أكن لأصدقه.
وا ويلتاه.. كم كنت مخطئا ومتسرعا في الحكم على الرجل!

عندما ألقي القبض على صدام حسين ورأيناه في تلكم الهيئة الرثة المزرية التي أراد الأمريكان وعملائهم أن يظهروا آخر الرجال الممانعين عليها ، وسوس لي شيطاني بأن ها هو الرجل القوي المهيب قد خانته قواه في أن يطلق على نفسه رصاصة الرحمة وترك نفسه ليقع أسيرا في قبضة مجرمين لن يتورعوا عن سومه كل صنوف الهوان! ولقد كنت متجنيا على الرجل ، فلقد أميط النقاب عن بعض تفاصيل من واقعة القبض عليه وأن الرجل قد خانه من إستأمنهم على حياته وأُلقي القبض عليه وهو يصلي.

وتمر الأيام لتكشف لي عن حجم جهلي وغبائي معاً!

فأيران دولة الثورة الإسلامية والتي طالما أحطناها بحبنا وتمنياتنا الطيبة إنما هي في الحقيقة ‘غول‘ ممتلئ بالحقد على كل العرب وأهل السنة ، وتتربص بهم الدوائر مثلها في ذلك مثل الإمبرياليين والصهاينة! هذا أول البلاء..!

وأما ثاني البلاء أو قل الغباء.. فالشيعة لم يكونوا كما جادلت في كل حياتي عنهم بأنهم إخواننا في الدين ولكل منهجه في فهم الدين والله هو من يتقبل عبادات العباد ، وإنما ثبت بما لا يدع سبيلا إلى الشك بأنهم أعدى لأهل السنة و العرب من الحية الرقطاء، وأنهم إنما كانوا يتحينون الفرصة للولوغ في دم المسلمين من أهل السنة كما لم يحدث من أعدى أعداء الإسلام على مر التاريخ..!

وأما أكبر أيات جهلي فقد كانت في صدام!!
لقد عشت حياتي مسلما ومؤمنا بالله ورسوله ولله الحمد والمنة. وكنت دائما اسأل الله حسن الخاتمة لأنني مؤمن بالحديث الشريف الذي يقول بأن المرء قد يعمل بعمل أهل الجنة طوال حياته ثم يسبق عليه القول فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار (أعاذنا الله وإياكم منها) وأن آخر قد يعمل بعمل أهل النار ثم يسبق عليه القول فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة. وكان عمر رضى الله عنه يقول لا آمن مكر الله. وأنا اليوم أكثر دعاءاً لله تعالى بأن يحسن ختامي وأن يجعلني من المقبولين لديه.. ذلكم الدرس تعلمته من نهاية صدام حسين!
غير أنني تعلمت درسا آخر أهم ، وهو أنني تمثلت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أخبر أصحابه بأنه سيدخل عليهم الآن رجل من أهل الجنة.. ولما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأتيه الوحي فقد كان ذلك أمرا مسلما به.
أما نحن فليس لنا إلا القياس على ما في أيدينا من علم!

ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن من كان آخر كلامه "لا إله إلا الله" دخل الجنة.. فإننا إذن قد رأينا بأم رأسنا في الحقيقة وليس في المنام رجل من أهل الجنة!! ذلك أنه في صبيحة يوم عيد الأضحى ، يوم عيد المسلمين الأكبر ، إمتلأت غرفة إعدام الرئيس الراحل يرحمه الله بصدور ملأها الحقد أبت على الرجل أن يكمل النطق بالشهادتين للمرة الثانية فأسقطوا سقف الغرفة بعد أن أتم "أشهد أن لا إله إلا الله" فكانت آخر كلامه في الدنيا! أريأيتم كيف كان حقدهم برهانا للرجل ، وأيما برهان؟ فعندما يلتف الحبل على العنق ويغلق القصبة الهوائية فلن تكون هناك فرصة بأي حال من الأحوال لإمكانية التلفظ بكلمات أخرى.. ولقد واجه الرجل الموت مقبلا غير مدبر ولا مرتاع.. ذلك ما يجعلنا نعتقد بأننا إنما رأينا رجلا من أهل الجنة بحسب ما بأيدينا من علم وقرائن ، وإن كنا لا نستطيع أن نجزم بذلك بطبيعة الحال ، وكيف لنا إلى ذلك الجزم من سبيل!؟
هنيئا لصدام حسين ونسأل الله تعالى حسن الخاتمة ، اللهم آمين.

ولكن قبل أن أختم كلامي ألحت على رأسي فكرة.. هل تراني أحب أن يحسن الله خاتمة حسني مبارك؟
وأقول الحقيقة بأنني لم أراني بحال من الأحوال أتقبل فكرة أن يحسن الله خاتمته ، ليس لشح في صدري أو لبخل برحمة الله ، ولكن لما ألحق بمصر وشعبها من ذل ومهانة ، وبما يدعو عليه الناس به صبح مساء ، ولحبة لأعداء الله وأعداء الوطن وتوليه إياهم ، ومن يتولهم فهو منهم. وأنا لا أُقسّم رحمة الله ، وإنما هذا مصداق لتوجيه ربنا تبارك وتعالى بأنه إن أوكل إلينا تقسيم رحمته لبخلنا بها على عباده ، وإنه جل شأنه لا يبخل بها على من يشاء من عباده. ونحن نعلم أن الجميع يدخل الجنة إلا من أبى ، وأنه من أطاع الله ورسوله دخل الجنة ومن عصاه فقد أبى. ولا أرى في مبارك إلا هذا الصنف الأخير للأسف الشديد!.
ولكن من يدري ، ربما يرد الله بمبارك خيرا فيقيض له من يطلعه على هذه السطور!

د. أحمد مراد

لماذا؟

لماذا؟


لماذا يفعلون ذلك؟ ولماذا يقبلون به؟

ذلكم هو السؤال الذي يلح على خاطري كلما طالعت خبرا عن إعتقال قوات الشرطة لأحد الناشطين السياسيين الذين هم إنما ينادون بالعدل والمساواة والخير للوطن ولكل المواطنين وليس لفئة أنانية متسلطة ومجرمة ، وكلما هزني إنتهاك جديد لحرمات الناس وأعراضهم! لماذا يسحلون الموطنين؟ لماذا ينتهكون حرمات البيوت والأعراض؟ هل هم عبيد لمبارك الديكتاتور أم عبيد لوظيفتهم ، أم هم مرضي يستحقون العلاج والشفقة؟ هل ليس لهم ضمائر تحكمهم أو مشاعر تحركهم؟ أليسوا بشرا ومواطنين مثل سائر الشعب؟ أليس لهم أسرا يتحرجون منها؟ أليس لهم أقرباء يلومونهم؟ أليس لهم أبناء وزوجات؟ أليس لهم آباء وأمهات؟ ألا يخشون أن يُفعل ذلك بأقربائهم على سبيل القصاص العدل ولأنه كما تدين تدان؟ أليس لهم مبادئ وقيم ومعتقدات؟ أم تراهم لا يؤمنون بالله ورسوله؟ هل طاعة أوامر رؤساءهم أهم عندهم من طاعة الله تعالى ومراعاة الأصول والتقاليد والقيم والأعراف؟ ألا يتذمرون من الأوامر التي تصدر إليهم أم فقط يصدعون بها دون مبالاة بما يحدث للمواطنين من جراءها؟

كيف يتم مسخ أخلاق العسكرإلى هذه الدرجة؟ كيف يتم قتل الضمير فيهم؟ كيف تتم عملية التحويل من بشر مدنيين ذوي أخلاق دمثة وآمال في غد مشرق وأحلام الأسرة والوطن إلى أدوات للقتل والفتك بالبشر؟ هل العسكرية عقيدة قطاع الطرق والخارجين على القانون؟

سوف ينبري المئات والألوف للرد بأن العسكرية هي أخلاق من قبل القدرة وهي رحمة من قبل الحزم؟ إذن فكيف تحولوا إلى وحوش ضارية، ذوي ألفاظ بذيئة وأخلاق سيئة وضمائر ميتة؟ لا يرعون حرمة لأم أو أب ويسبون الناس بأفظع الألفاظ ناهيك عن إستعمال منهى الجبروت و القوة الغبية ضد مدنيين مسالمين المفترض أنهم الحماية والعون لهم؟ من المسؤول عن مسخ عقيدة وأخلاق العسكر بشرطتهم وجيشهم في مصر؟

لا أرى لمشكلة مصر التي يستولي عليها أعدائها وتُستضعف وتتفشى فيها الأوبئة الإجتماعية والصحية حلا من دون حل مشكلة العسكر فيها لأنهم باتوا الصخرة التي تتحطم عليها كل محاولات الشعب اليائسة في إسترداد إرادته السياسية ومقدرته الوطنية ، وأصبحوا يطفئون نور الأمل في أعين أطفالنا و شبابنا و يطيحون بكل الآمال في أن يطلع على مصر غد مشرق!

هل ينبغي علينا أن نتحرك الآن بالعمل في أوساط العسكر وفي أوساط أهليهم وأسرهم لعل وعسى!؟